laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
اقترب الزبير ومعه قيس وسهيل والداهية، وعندما رأى عاصم الزبير، توقف عن القتال وأمر
من معه من المقاتلين بالتوقف، وصرخ سائل الزبير: ما الذي يحدث، أيها الزبير؟! ما الذي
يجري؟!
كان مقاتلو الزبير قد أحاطوا عاصما ومقاتليه على شكل حلقة، شكل عاصم ومن معه مركزها.
وحتى في تلك اللحظات الخيرة القاسية، لم يتيقن عاصم بخيانة الزبير، وظل الشك يساوره.
اقترب الزبير من عاصم، وهو يمسك سيفه وخنجره، حتى بات على مسافة قريبة منه، وبات
عاصم يشتم رائحة أنفاس الزبير التي فاحت غضبا وكراهية وحقدا.
قال الزبير بثقة وهدوء: ل شيء... لم يحدث شيء... فقط قتلت الملك والملكة والميرة
ووالدك...
ثم أحكم قبضته على الخنجر، ووضع يده اليسرى على كتف عاصم، وابتسم ابتسامة صفراء
قذرة، وقال: والن سأقتلك.
فطعن عاصما بخنجره الذهبي ثلث طعنات في أعلى بطنه، وفي الطعنة الثالثة غرس الخنجر
عميقا في بطن عاصم، ولفه بداخله.
بدأ الدم يسيل غزيرا من بطن عاصم ثم سال من فمه ومنخريه. وكان منذ بداية ما أخبره الزبير
به قد فتح عينيه على أقصى اتساع غير مصدق ما يسمع.
وهكذا غادر الحياة وهو ينظر إلى ابتسامة الزبير القذرة، وهو يتذكر كلم أبيه القائد جاسم ذات
يوم، عندما أخبره أل يثق بأحد حتى ابن الملك المير ريان. لطالما كرر جاسم له هذا الكلم، لكن
الحيلة انطلت على عاصم. تساءل كيف وثق بالزبير طيلة هذه السنوات؟! تساءل كيف كان الزبير
آخر من يمكن أن يشك به، فقد اعتبره ابن الملك من لحمه ودمه، وفي لحظات كثيرة وثق به أكثر
من المير ريان نفسه؟!
ندم في تلك اللحظات ندما عظيما جلل، وتألم ألما عارما، ليس على موته، بل لنه السبب في
مقتل الملك والخرين.
الشيء الوحيد القسى عند حدوث الخيانة، من كونها أتت من أحب الحباء الذين لطالما
استعددت أن تفديهم بأرواحك، هو أنك ظللت مغفل طيلة الوقت وسمحت لهم بخداعك برضاك
وبكل سهولة. هذا هو آخر ما فكر به قائد الحرس الملكي.
ومنذ قتل الزبير الملك الهارب مرورا بكل من أجهز عليهم وانتهاء بعاصم، امتازت طعناته
بأنها قوية عنيفة جدا مليئة بالغل والحقد والغضب الذي بداخله. وقد طلى خنجره بالسم؛ لنه لم يرد
ولو احتمال صغيرا، لن يظل أعداؤه على قيد الحياة ل سيما الملك الهارب.
***