laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
ورحل القائد وجميع الحرس، ولم يبق سوى المير المنهار، وصديقه العزيز يحتضنه، وحدهما،
يحيط بهما بحر هادئ وسماء صامتة، وسط هذا الصراح والجنون.
بدأ عماد يحاول تهدئة المير، وهو يقول: اهدأ، يا ريان... سنجد حل...
"أبي، يا عماد" تهدج صوت المير وهو يقول هذه الكلمات باكيا البكاء الغزير، وأكمل: أبي...
أمي... أختي... كلهم رحلوا... كل شيء ضاع في لحظة واحدة!
"اهدأ، يا ريان" قال عماد، وأكمل: أنت أقوى رجل في البسيطة، وستتجاوز كل هذا... لقد
تجاوزت ما هو أعظم منه بمراحل كثيرة...
قال عماد هذا، وهو يدرك جيدا، أن ما حدث مسبقا في حياة المير، ل يعادل حبة رمل واحدة
في صحراء اللم التي سيعيشها الخير بعد ما فعله الزبير.
المير في تلك اللحظات، رغم أن اللم هو أبرز ما اجتاح صدره، إل أنه شعر بغضب عارم
تجاه الزبير الذي خانه وأباه، وبشعور هائل من الذنب؛ لنه وثق به، ورغم شدة ألم وحزنه على
أهله، قال: الوغد، كيف صدقناه؟!... كيف وثقنا به؟!... ل بد وأن يدفع الثمن...
فأمسك عماد بصديقه من كوعيه، ونظر إليه بحزم وقال بعينين ملؤهما الثقة: سننتقم منه، يا
ريان... سيدفع هذا الحقير الثمن غاليا...
ثم أمسك بالمير من كتفيه، وقال: عدني بذلك، يا ريان...
ثم صرخ: عدني بذلك...
قال المير الباكي، وهو يحكم إغلق قبضته اليمنى غضبا وحنقا، وبرزت العروق في عنقه من
شدة الغضب: أعدك بقتله... أعدك أنني لن أغادر الحياة قبل أن أقتله...
***
حمل عماد صديقه المير، وساعده للذهاب إلى غرفة نومه، وسرعان ما أخبر عماد زوجة
ريان بكل ما حدث، فانهارت هي الخرى من هول ما سمعت، وحزنت الحزن العظيم وبكت البكاء
الشديد، لكنها سرعان ما تمالكت نفسها، فقد وجب عليها أن تقف بجانب زوجها، الذي انهار،
واستلقى كطفل صغير ضعيف محطم في سريره، مكتفيا بالبكاء والحزن.
عرف عماد منذ اللحظة الولى أنه يجب الرحيل بأسرع سرعة، قبل أن يفتك الوحش المفترس
الزبير بالمير وعائلته، إل أنه آثر الصبر لعدة ساعات، حتى يتيح للمير أن يستوعب –ولو قليل-
ما حدث. وبعد أن مر الوقت الذي قدره مناسبا، أتى عماد إلى غرفة نوم المير، حيث استلقى
الخير مكسورا على سريره.
فقال عماد: مولي...
لم يرد المير، فصرخ عماد: ريان، أجبني.