(( 33 ))
بعد الزلزال المدوي الذي وقع، استاء أمراء الثورة أمر استياء، فالمحبة بينهم وبين آل الملك
والزبير، كلها تلشت، بعد أن كانت مضرب المثل. لقد حدث كابوس سيقض مضجعهم إلى البد،
وسيجعل الكراهية هي السائدة. لم يصدقوا أن كل هذا يمكن أن يصدر عن رجل كالزبير، لم
يعهدوا منه إل الخير.
وأتى أمراء الثورة، أمين وسمية، والمغيرة وحورية، وسليم، كلهم للقاء الزبير. ولما علم
بمقدمهم دعاهم إلى الساحة حيث توج ملكا، ثم دخل عليهم وجلس على كرسي العرش، وأمسك
برأس الضيغم.
لم يتبادل الطرفان التحايا. وظل كل أمراء الثورة واقفين، فالغضب والحزن الذي بداخلهم منعهم
من الجلوس.
وباشر أمين الحديث، قائل: كيف تفعل هذا، أيها الزبير؟! كيف تخون ملكك؟! كيف تخون
أباك؟!
وأتبع المغيرة – الذي اهتز رغم شدة قسوته بشدة مما حدث-: أيها الزبير، ل أستطيع أن أصدق
ما فعلت! أنت رجل ما عهدنا منه إل المروءة والشهامة والطيبة، فكيف حدث كل هذا؟!
جحظت عينا الزبير واحمرتا غضبا، وبعد مدة من الصمت صرخ بصوت مدو: أنا الذي
صنعت كل شيء... كل حياتكم السعيدة الن مني وبسببي... أنتم ل شيء دوني... والن بعد كل
هذه السعادة، تلومونني؛ لنني فقط أخذت ما أستحقه.
فسكتوا جميعا، وعم الصمت في الساحة.
وظل المر هكذا لمدة.
سمية بكت بحرقة، طيلة اليام الماضية حزنا على الملك وعلى ما حدث، ومنذ أتت إلى القصر
للقاء الزبير وعيناها قد اغرورقتا بالدموع.
انهارت وبكت البكاء المر الشديد، وتهدج صوتها، وهي تقول: أنت كنت رجل طيبا... أنت لم
تقتل الملك فقط... لماذا قتلت الزبير الطيب الذي عرفناه؟! كيف تقتل أباك وأمك وأختك وجاسما
وعاصما؟!... يا لبشاعة ما فعلته!... كلنا كنا عائلة واحدة، يحب أحدنا الخر أكثر مما يحب نفسه...
أنت رسمت البتسامة على شفاهنا جميعا، وعلى شفاه كل أهل البقاء، بعد سنوات الضياع...
خلصتنا من كابوس أسودَ طويل أقض مضاجعنا لسنين كثيرة... لكنك سرعان ما قتلت البتسامة،
وزرعت حزنا أكبر في قلوبنا، وخلقت كابوسا أسوأ بكثير من السابق... كيف يمكن لنا أن نعيش
بعد ما فعلته؟! كيف يمكن لنا أن نقبل بما حدث؟! كيف يمكن لنا أن نغمض عيوننا دون أن نتخيلك