laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
استبق الزبير الحداث، وأرسل جزءا كبيرا من جيشه أباد قبيلة القسطة وسائر القبائل المتحالفة
معها على بكرة أبيها وسبى نساءها وأطفالها، واستحل بيوتها وأموالها ومملتكاتها، وعذب أسراها
أمر عذاب ثم قتلهم أسوأ قِتلة.
وكل ذلك؛ لنه أراد تأديب الخرين غير المشاركين في الثورة المخطط لها، من خلل إخماد
أول ثورة بعنف شديد؛ حتى ل يتجرأ أحد على ثورة ثانية. وبالفعل نجح في ذلك؛ إذ بات الجميع
ترتعد فرائصهم خشية وخوفا من الملك العنيف الزبير.
وبعد مدة من استلمه الحكم، صادر الزبير كل أموال آل الضياغم وأملكهم على بكرة أبيها،
وفرض الضرائب الباهظة على الشعب غير آبه بامتعاض أي منهم أو استيائه.
***
وهكذا عاش المير ريان في مدينة الزهرة البيضاء في حزن عميق قاتم، كانت أيامه شديدة
السواد، وتقلب بين النوم والحزن، رغم أن نومه كان قليل جدا، وامتنع عن الطعام والشراب
ومجامعة زوجته، ولم يكن يبتسم على الطلق، ولم يكن يتحدث إل للضرورة القصوى.
حاولت زوجته وعماد التخفيف عنه، ولكن ذلك لم يجدِ نفعا. حتى السلطان زاهي حاول التخفيف
عنه، وأرسل إليه الموال والجواري والهدايا، وعرض عليه الراضي والقصور، فما وجد من
المير سوى الرفض التام!
كان يعيش في دوامة من الحزن على أبيه وأمه وأخته ومملكته الضائعة التي كان سيحكمها بل
شك يوما ما، وخالط ذلك شعور أكبر بكثير بالغضب والحقد تجاه الزبير، وتمنى المير أن ينتقم
منه من كل قلبه، وتساءل: "هل أستطيع النجاح في ذلك؟!"
ورغم أن المير نادرا ما خرج، إل أنه فعل ذلك عدة مرات بناء على إلحاح صديقه عماد عليه.
وذات مرة خرج مع عماد وعدد من حراسه ليتجول في المدينة. حدث ذلك بعد خمسة شهور من
مقدمه إلى القدماء.
وبينما هم يتجولون فجأة دفع عماد المير بقوة هائلة، فسقط عن جواده، وكادت تتكسر عظمة
يده، وشعر بألم شديد نتيجة السقوط. لقد تفاجأ ولم يفهم لماذا فعل صديقه المقرب ذلك، وفي لمحة
خاطفة، فكر: " هل خانني عماد؟! حتى عماد يفعل ذلك! هل يعقل أن نفوذ الزبير وصل إلى عماد
نفسه؟!"
إل أن المر لم يكن كذلك، فقد شاهد عماد رجل يندفع بسرعة ثم يركع أرضا إلى إحدى ركبتيه
ويوجه نشابه باتجاه صدر المير، فدفع الخير ليحميه، وأطلق الرجل السهم الذي لم يصب هدفه.
ثم هرب الرجل الذي اعتزم اغتيال المير، بينما لحقه عدد من حرس المير، في حين تحلق البقية
– وهم الكثرية- مع عماد حول المير الذي وقف - وهو مذهول - مما يحدث.