رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1
(( 45 ))

عندما بدأت خطة الزبير، تحرك أول بسرعة بصحبة زوجته حورية وابنيها زبيدة وحسن
وابناهما روان وعامر، إلى الفتناء، وسط حراسة مشددة جدا من قبل فرقة الزنوج، وبالخص
النسور السوداء.
وصل الزبير الفتناء، في أقصى الغرب الشمالي من البقاء، على حدودها مع الهيجاء، ولم يفصل
بين المدينة والهيجاء، سوى بحر صغير، يعرف ببحر الدم. وقد سمي بذلك لكثرة الدماء التي سالت
فيه إثر الحروب الطاحنة بين الهيجاء والبقاء للسيطرة على الفتناء لشدة جمالها وكثرة مواردها
ومظاهر الرفاهية والجمال في بنيانها وطبيعتها، ومهارة أهلها في شتى المهن، ومدى غناهم.
وللسبب نفسه، سميت الفتناء بهذا السم، لنها سببت الفتنة بين أهل المملكتين. وقد بنيت من
الحجارة السوداء القاتمة في منظر جميل جدا، وأحاط بها سور من جميع الجهات بما في ذلك جهة
بحر الدم الذي فصلها عن الهيجاء، حتى ل تستطيع سفن الهيجاء دخول المدينة من ساحلها، وكذلك
أطل جزء من الفتناء على البحر الرمادي شمال، وحتى ذلك الجزء أحيط بالسور. لقد حرص
المهندس الذي صمم المدينة على جعلها منيعة حصينة؛ لكثرة الحروب التي خيضت فيها، فأحاط
بها سور ضخم هائل الرتفاع وغليظ السمك، أما القلعة الكبرى فيها فقد كانت منيعة وأحيطت
بسور يتميز بالصفات نفسها، وكانت نوافذ القلعة واسعة من الداخل ضيقة من الخارج، حتى يتمكن
المقاتلون داخل القلعة من إطلق السهام بأريحية، في حين يجد المقاتلون خارجها صعوبة بالغة في
إيصال أسهمهم داخل القلعة. وقد امتازت الفتناء بلونها السود الذي ميزها، وأما القلعة فيها، فقد
بنيت من الحجارة السوداء الباهظة الثمن، وغطى أرضيتها وسقفها وحيطانها الرخام رمادي اللون
باهظ الثمن.
بعدها بدأت القوات الموالية للزبير بالتوجه نحو الفتناء، وأكبر قوة فيها كانت بقيادة قيس
والداهية. وبأوامر الزبير أحرقوا في طريقهم كل زرع وكل شيء قابل للكل. وكلما مروا على
مدينة أو قرية، عرضوا على التجار ثلثة أضعاف سعر البضائع لشرائها كلها، فوجدوا موافقة من
الغالبية العظمى من التجار، وبذلك أخلوا كل تلك القرى والمدن من البضائع، ونقلوا كل البضائع
والمؤن والغذية معهم إلى الفتناء. وقد قرر الزبير إنفاق كل أموال خزينة الدولة على هذه الحرب
حتى آخر قرش؛ لنه لم يعد هنالك شيء يخسره، وليس أمامه سوى البحث عن النتصار بأية
طريقة. الهدف من كل هذه الجراءات، تزويد القوات المتجمعة بالفتناء بالطعام والشراب
والبضائع لطول فترة ممكنة، لن خطة الزبير بنيت على أنه سيكون هنالك حصار طويل جدا
لقوات الفتناء من قبل قوات ريان. كما أنهم تعمدوا إحراق الزرع وإخلء المدن من البضائع
والغذية، حتى تجد قوات ريان صعوبة بالغة في إيصال البضائع والطعام والشراب إلى معسكرها
حول الفتناء – أثناء حصارها المتوقع – مما سيصعب مهمتهم. كما أتلفت قوات الزبير كل
المجانيق في معسكرات الجيش، فهم ل يريدون أخذها معهم لنها لن تفيدهم كونهم المحاصرين،

Free download pdf