laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
التفت من جديد وغادرت، بينما أحس الزبير نفسه غارقا في بحر اجتاحته أمواج عاتية من
المشاعر السلبية، أمواج من الحزن والغضب واليأس!
***
أرسل الزبير في طلب أمين، ولما حضر استقبله الزبير في قاعة النسور السوداء، وبقيا
وحدهما.
دخل أمين على الزبير فوجده وحده جالسا على الكرسي في آخر القاعة، وهو عابس أشد
العبوس، وظهر على أمين عبوس ينافسه ضراوة!
فلما رآه الزبير وقف، ومشى بالقاعة حتى جعل ظهره متعمدا لمين، عدوه اللدود الذي كان
يوما صديقه الحميم.
ثم قال بغضب، وهو يسند كفه اليمنى إلى اليسرى خلف ظهره: أهل، بصديقي العزيز. كم
اشتقت إليك!
بدا الستهزاء واضحا في العبارة الخيرة.
لم يرد أمين التحية، بل قال: ماذا تريد؟ ليس لدي وقت كثير لك.
ازداد الجحيم في صدر الزبير حماوة من تجرؤ أمين عليه وهو الملك، وقال وهو يدير ظهره له:
تريد زبدة الحكاية إذاً؟!
ثم التف ونظر بعينين ملؤهما القسوة لم يشهد أمين في حياته مثيل لهما، ورغم ذلك لم يشعر بأي
خوف.
وقال الزبير: ألم أحذرك بأل تخبرها؟! لم فعلت ذلك؟!
فقال أمين بغضب وشجاعة عارمة لم يتوقعها الزبير: لقد أخبرتها... هيا نفذ وعدك، واقتلني.
ظل الزبير واضعا يديه إحداهما فوق الخرى خلف ظهره، ثم بدأ بالمشي ببطء شديد نحو أمين.
في هذه الثناء ظل أمين واقفا، وعرف أنها لحظاته الخيرة، وطفق يتخيل الزبير وهو يفعل ما
سيفعله بعد لحظات، عندما يستل الخنجر الذي أهدته إياه زوجة أمين ليقتله به! ورغم كل ذلك لم
يخف أمين أبدا، فعلى الرغم من أن مثل هذه اللحظات – لحظات الموت – أخافت أعظم المقاتلين
وأشرسهم عبر التاريخ، فإن ذلك التاجر الذي يقل قوة بكثير عنهم جميعا، لم يخف على الطلق.
وظل الزبير على حاله ذاك يقترب من أمين حتى بات أحدهما يشتم رائحة نفس الخر. بسط
الزبير يديه، بينما انتظر أمين لحظة موته.