laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
ونظرا لحراق الزبير الراضي الزراعية، وتفريغه الطريق من المعتزة إلى الفتناء من
البضائع، غدت مهمة معسكر ريان صعبة، إذ خصص جزءا كبيرا من قواته وفرّغها فقط لجلب
البضائع من المعتزة البعيدة إلى معسكره حول الفتناء باستمرار، مما أجهد هؤلء وقلل أعداد
المحاصرين.
أيقن ريان أن الزبير – ل محالة – سيخرج في نهاية المطاف. إل أن ذلك لم يحدث، فقد مرت
ستة شهور منذ بدء الحصار، ومع ذلك، لم يخرج الخير.
وبعد مرور الشهر الستة حدث أمر غريب ومفاجئ لمعسكر ريان، إذ أرسل إليهم الزبير
رسول لم يتوقعوه، وأي رسول كان!
توجه داهية الكثبة إلى معسكر ريان، ولما علم الخير بمقدمه تفاجأ كثيرا، وقد طلب الداهية
مقابلة ريان، وباقي أمراء الثورة، فوافق ريان على ذلك، واجتمع هو وباقي أمراء الثورة، في
خيمة من خيام المعسكر، ثم دخل عليهم الداهية.
لقد أصر الزبير على إرسال الداهية المقرب كثيرا منه، إلى معسكر ريان؛ وذلك ليظهر حسن
نواياه لهم، وكذلك لن الداهية أفضل مفاوض عرفه الزبير في حياته. كما أن الزبير أيقن باستحالة
قتل ريان للداهية أو إيذائه حتى؛ بعد ما فعله أسود الوجه الحنشي، وما حدث له بعد قتله لرسول
أرسل إليه.
لما دخل الداهية، قال بهدوء وبرود: السلم عليكم.
وقد ظهرت عليه علمات اليأس والحزن، بل والهزيمة حتى.
"كيف حالكم؟" أضاف الداهية.
فرفضوا الرد عليه.
ثم نظر إلى سليم، وقال: كيف حالك، يا سليم؟
أراد سليم الرد، غير أنه رفض؛ لن ذلك سيغضب باقي أمراء الثورة.
فقال الداهية بهدوء، ناظرا إلى ريان: ليست هذه وسيلة لستقبال الضيوف.
فبرزت العروق في عنق ريان، واحمر وجهه غضبا، وهاج صارخا: أنت لست بضيف... أنتم
قتلة خونة.
لم يستئ الداهية، وحافظ على هدوء أعصابه، ورد بثقة: ربما نحن كما وصفتنا... لكن بالنهاية
من غيرنا لو أتيحت له الفرصة ما استغلها؟! ولحظوا الن – جميعكم – أنكم انتصرتم، وال قد
أعانكم علينا... ربما هذا عقابنا لكل ما فعلناه.
"الن، ادخل في المسألة مباشرة" صرخ ريان، وأكمل بالنبرة نفسها: لم أرسلك الخائن؟!