رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1
(( 46 ))

مع مشرق شمس اليوم التالي من مقتل سليم، رأى الجنود في معسكر ريان الجساد المصلوبة
على سور الفتناء، وما زال أصحابها أحياء ينتظرون الموت بأسرع وقت من قبل نار الشمس؛
حتى يستريحوا من العذاب. ورأوا كذلك رأس سليم والدماء تعلوه، والمغروز به رمح، يعلو سور
الفتناء. فنادوا ريانا والمغيرة وسمية. أتوا على الفور، فلما رأوا هذا المنظر، هالهم وأدهشهم.
وشعروا برعب وخوف وحزن اجتاحهم على الفور، حتى ريان والمغيرة الفارسان اللذان ذاقت
سيوفهما من دماء أشرس المقاتلين، ارتعبا من المنظر.
أما سمية فجن جنونها، وطفقت تبكي، وتتقيأ من شدة المنظر، وركعت على ركبيتها، خصوصا
عندما رأت رأس سليم.
وسرعان ما أمسك بها ريان والمغيرة، واحتضنها ريان وجعل رأسها على صدره، وغطى على
عينيها؛ حتى ل ترى مزيدا من بشاعة المنظر، وجعل يقول لها: اهدئي، يا سمية... اهدئي... أقسم
لك بروح أبي أنني سأنتقم من الحقير.
وبينما احتضنها، أخذ يدفعها بعيدا عن المكان عائدا إلى خيام المعسكر، حتى ل ترى المنظر
المرعب.
وطفقت تقول: أخبرتك أل ترسله... لقد قتلناه... أنا قتلته.
فجعل ريان يقول: لم تقتلي أحدا... لم نقتل أحدا... تمالكي نفسك.
وظلت تبكي البكاء الشديد، ونزلت الدموع غزيرة من عينيها.
وحتى المغيرة وريان، دمّعت عيناهما على سليم، وخاصة لما رأيا دموع سمية.
لم يتوقع ريان، ول المغيرة، ول سمية، ول أحد في البقاء كلها، ول حتى أقرب المقربين من
الزبير أن يفعل الفعل القبيح الملعون الذي فعله أسود الوجه الحنشي قبل ما يقرب ألف عام، والذي
أودت به اللعنة إلى مقتله. لكن كلهم خاب توقعهم؛ فهنالك رجل واحد ل تنطبق عليه القاعدة ول
التوقعات، هنالك رجل واحد يضحي بأي شيء لتحقيق أهدافه، رجل اسمه الزبير.
تلك لم تكن آخر مفاجأة من الزبير لخصومه في ذلك اليوم، فالزبير ل يسكن، وهو في حراك
دائم مستمر، وهو يصبر حين يكون الموقف مناسبا للصبر، ويسارع المور حين يكون الموقف
مناسبا لذلك.

Free download pdf