laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
نظر إليهما الزبير بحزن، لكنه تجاهلهما.
ثم قال: أيها المغيرة، معك حتى مغرب الشمس، لئن لم تغادر أنت - وكل قواتك من أهل
الفيحاء- معسكر ريان، لقتلن ابنيك.
ثم أخرج سيفه في منظر مهيب مخيف، وأتى الجنود وركّعوا زبيدة وحسنا على ركبهم، وربطوا
أيديهما وأقدامهما بحبل غليظ.
ثم قال الزبير – وهو يلوح بسيفه الغليظ نحو الشابين -: إني جاد، أيها المغيرة.
ثم وضع سيفه على مقربة كبيرة من عنق زبيدة، وتعمد فعل ذلك معها ل مع حسن؛ حتى يثير
خوفا أكبر في المغيرة، كونها النثى بين ابنيه.
طفقت فرائص الشابين ترتعد، وطفقا يرتجفان، وعلت الزرقة بشرتهما وشفاههما، وتسارعت
دقات قلبيهما وأنفاسهما.
وشرعا يرجوان الزبير وصوتهما يتقطع خوفا ورعبا: أرجوك... كيف تفعل هذا بنا؟!
أما المغيرة – وعلى مرأى الزبير- حدثت له التغييرات نفسها التي حدثت لبنيه، وسقط على
ركبتيه، وطفقت فرائصه ترتعد، وطفق يرتجف، وعلت الزرقة بشرته وشفتيه، وتسارعت دقات
قلبه وأنفاسه.
وجعل يهذي وصوته يتقطع خوفا ورعبا: ابناي... ل يمكن... ولداي...
المغيرة الرجل الذي سيطر على الفيحاء، أشرس المدن في البقاء، حيث اللصوص والعصابات
والمجرمون، المغيرة الذي أرهب العداء في حربي التحرير، وفي الحرب ضد الزبير، المغيرة
هذا الرجل المغوار، تحول إلى طفل ضعيف جبان خائف في تلك اللحظات.
ظل الزبير ينتظر بهدوء وثقة وبرود، وهو يشهر سيفه نحو عنق زبيدة، رغم محبته الشديدة لها
ولخيها.
بعد مدة قصيرة من حال المغيرة، نهض، وقال: سأرحل فورا.
فصرخ ريان: كيف تفعل هذا؟! أنى لنا أن ننتصر عليهم دونك؟!
فقال المغيرة: ل أعرف... ابناي أهم شيء.
فقال ريان بحزم: لن أسمح لك بالرحيل.
فقالت سمية - التي اجتاحها الرعب والخوف من كل ما يحدث-: دعه يرحل... ابناه أهم من كل
شيء... من الحرب... وحتى منا... وأصل – إن ظل معنا - لن يستطيع القتال، إن حدث لهما أي
مكروه.